قَالَ بَعْضُهُمْ:(لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)، أي: لم نجعل له مثل يَحْيَى من قبل في الفضل والمنزلة؛ لأنه روي عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" لم يكن من ولد آدم إلا وقد عمل بخطيئة أو همَّ بها غير يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا؛ فإنه لم يهم بخطيئة ولا عمل بها ".
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) أي: لم يسم أحد قبله يَحْيَى.
وجائز أن يكون قوله:(لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)، أي: يتولى اللَّه تسميته يَحْيَى، لم يول تسميته غيره، وسائر الخلق تولى أهلوهم تسميتهم.
قال الحسن: إن زكريا استوهب ربه الولد، فأجابه وبَشره، فقال:(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ)، وطلب منه الآية لذلك، فقال:(اجْعَلْ لِي آيَةً)، فماى به على ذلك، ولا وبَّخه، ولكن رحمه، أو كلام نحو هذا.
وقال غيره: إنما أمسك لسانه واعتقله عقوبة لما سأل من الآية، هَؤُلَاءِ كلهم يجعلون ذلك منه زلة منه، إلا أن الحسن قال: لم يعبه على ذلك، ولا عاقبه عليه، ولكن ذكر ذلك رحمة منه إليه، وغيره يجعل ذلك عقوبة لما كان منه.
وجائز أن يخرج ذلك على غير ما قالوا، وهو أن قوله:(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ) أي: على أي حال يكون مني الولد، على الحال التي أنا عليها، أو أُردّ إلى شبابي، ففي تلك الحال