للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العالمين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليس فيه دلالة أنها لم تنزل؛ لأنه يجوز أن يكون قوله: (تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا) ما لم يأت النسخ، فكان لهم ذلك إلى أن بعث نبيُّنا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فنسخ ذلك بيوم الجمعة.

وقالوا: قوله: (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥) ذكر في بعض القصة أن من كفر منهم بعد ذلك مسخهم خنازير، فذلك تعذيب لم يعذبه أحدًا من العالمين.

وقيل: يحتمل قوله - تعالى -: (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥) في الآخرة، واللَّه أعلم بذلك كله.

* * *

قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ. . .) الآية.

يحتمل هذا القول أوجهًا ثلاثة:

أحدها: أن كان هذا القول منه في الوقت الذي كان عيسى بين أظهرهم؛ ليكون ذلك آية وحجة لمن تبعه على من زاغ عن طريقه، وضل عن سبيل الهدى؛ لأنه تبرأ أن يكون قال لهم ذلك.

ويحتمل: أن يكون قال ذلك له وقت رفعه إلى السماء: قرر عنده أن قومه يقولون ذلك القول بعد مفارقته قومه.

وقيل: إنه يقول ذلك له يوم القيامة ويكون " قال " بمعنى: " يقول "؛ كقوله - تعالى -: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ)، وكقوله - تعالى -: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>