وفي الآية دلالة إثبات رسالة رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أخبر أن أنفسهم تزهق وهم كافرون، فكان ما ذكر؛ دل أنه علم ذلك باللَّه.
* * *
قوله تعالى: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ).
في الباطن في الدِّين؛ لأنهم كانوا معهم في الظاهر.
وقال: (وَمَا هُمْ مِنْكُمْ): في الباطن في الدِّين.
(وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)، أي: يخافون القتل، فيظهرون الموافقة لهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)
قيل: لو وجدوا حرزًا (أَوْ مَغَارَاتٍ) يعني: الغيران في الجبال، (أَوْ مُدَّخَلًا) أي: سربًا في الأرض في الجبال - (لَوَلَّوْا إِلَيْهِ)، أي: رجعوا إليه (وَهُمْ يَجْمَحُونَ)، أي: يسعون.
وعن ابن عَبَّاسٍ: قال: الملجأ: الحرز في الجبال، والمغارات: الغيران، والمدخل: السرب.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: المغارات مثل الملجأ، وهو شيء يتحصنون فيه، (مُدَّخَلًا): هو موضع يدخلونه أيضًا: (وَهُمْ يَجْمَحُونَ) أي: يسرعون، يقال: جمحت الدابة، تجمح جماحًا، فهو جامح، وهو من الإسراع، وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ.
وقال أبو معاذ: الجموح: الراكب رأسه وهواه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (أَوْ مُدَّخَلًا) لو يجدون ناسًا يدخلون بينهم، (لَوَلَّوْا إِلَيْهِ): دونكم.
وأصله: أنهم لو وجدوا مأمنًا يأمنون (لَوَلَّوْا إِلَيْهِ) أي: لصاروا إليه مسرعين، ولا يظهرون لكم الإيمان، ولكن ليس لهم ذلك، واللَّه أعلم.