خيالا، فعلى ذلك: أعمالهم السيئة في أنفسها فرأوها حسنة صالحة، وما كان وما شبه بالرماد - فهي أعمالهم الصالحة في أنفسها؛ لكن الكفر أبطلها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ).
اليوم لا يكون عاصفًا؛ ولكن على الإضمار؛ كأنه قال: في يوم فيه ريح عاصف، كقوله: (وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)، النهار لا يبصر ولكن يُبصَر فيه أو يُبصَر به.
والعاصف: قيل: هو القاصف الكاسر الذي يكسر الأشياء. أو يكون قوله: (اشْتَدَّتْ بِهِ)، والعاصف والقاصف - حرفان يؤديان جميعًا معنى واحد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) كالرماد الذي ذكرنا أن صاحبه لا يقدر به بعدما عملت به الريح وذرته. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ).
يحتمل: ذلك الكفر هو الضلال البعيد؛ لا نجاة فيه أبدًا.
أو ذلك الكفر الذي أتوا به بعيد عن الحق واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ).
(أَلَمْ تَرَ) حرف تنبيه عن عجيب بَلَغَه وعلم به غفل عنه، أو نقول: حرف تنبيه عن عجيب لم يبلغه بعد ولم يعلم به. على هذين الوجهين يشبه أن يكون واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ).
قال عامة أهل التأويل: بالحق أي: للحق، وتأويل قولهم - واللَّه أعلم -: للحق: أي: للكائن لا محالة؛ وهي الآخرة؛ لأنه خلق العالم الأول للعالم الثاني؛ والمقصود في خلق هذا العالم هو العالم الثاني؛ فكان خلقهما للثاني لا للأول الأنه لو كان للأول،