للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأس المال.

وفي الآية دليل وجه آخر: وهو أنه جعل حدوث الحرمة المانعة للقبض، يرتفع به العقد في فساد العقد؛ فعلى ذلك يجعل حدوث شيء في عقد معقود قبل القبض كالمعقود عليه في استئجار حصته من الثمن.

وقوله تعالى: (وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا)، وقوله: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) فيه دلالة: أن ما جرت بين أهل الإسلام وأهل الحرب من المداينات والمقارضات ثم أسلموا يرد، وما أخذوا قهزا لا يردون؛ وذلك أن الربا الذي قبضوا لئلا يرد لم يؤمر برده.

فعلى ذلك ما أخذوا قهرا أخذوا لئلا يرد، لم يجب رده. وأما رأس المال فإنما أخذوا للرد؛ فعلى ذلك ما أخذ بعضهم من بعض دَيْنًا أو قرضًا وجب رده. ففيه دليل لقول أصحابنا - رحمهم اللَّه تعالى - على ما ذكرنا. واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)

عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنه - قال: فمن كان مقيمًا على الربا مستحلًا له لا ينزع عنه، فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه: فإن تاب ونزع عنه، وإلا ضرب عنقه.

وقوله تعالى: (فَأْذَنُوا)، فيه لغتان: بالقطع، والوصل.

فمن قرأ بالقطع، فهو على الأمر بالإعلام لمستحليه أنه يصير حربا له بالاستحلال.

ومن قرأ بالوصل، فهو على العلم، كأنه قال للمؤمنين: إنه حرب لنا.

وقوله تعالى: (لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ):

عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنه - قوله: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)، أي: (لَا تَظْلِمُونَ) فتربون، (وَلَا تُظْلَمُونَ): فتنقصون.

وقتادة - رضي اللَّه تعالى عنه - يقول: بطل الربا وبقيت رءوس الأموال.

وقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)

عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنه -: (إِلَى مَيْسَرَةٍ) قال: هو المطلوب، وهو في الربا.

وفيه دلالة جواز التقلب في البيع الفاسد؛ لأنه جعل لأرباب الأموال النظرة إلى ميسرة

<<  <  ج: ص:  >  >>