وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) اختلف في هذه الصدقة التي أمر اللَّه رسوله بأخذها من أموالهم:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هي صدقة فريضة، ثم اختلف فيها أية فريضة هي؟ فقَالَ بَعْضُهُمْ: فريضة زكاة الأموال.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هي فريضة كفارة المآثم، وذلك أن أُولَئِكَ الذين تخلفوا عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك ندموا على تخلفهم، فلما رجع رسول اللَّه جاءوا بأموالهم فقالوا له: تصدق بأموالنا عنا؛ فإن أموالنا هي التي خلفتنا عنك، فأمر اللَّه رسوله أن يأخذ منهم ذلك ويتصدق به كفارة لما ارتكبوا.
ومن قال: هي فريضة زكاة المال؛ لما روي عن أبي أمامة قال: إن ثعلبة بن حاطب أتى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالًا، قال رسول اللَّه:" ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه "، ثم جاء فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالًا، قال:" ويحك يا ثعلبة! أما أترضى أن تكون مثل، رسول اللَّه لو سألت اللَّه أن يسيل الجبال عليَّ ذهبًا لسالت "، ثم أتاه فقال: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يرزقني مالًا، فواللَّه لو أتاني اللَّه مالًا لأوتين كل ذي حق حقه. فدعا له فقال:" اللهم ارزق ثعلبة مالًا " ثلاث مرات، وذكر أنه اتخذ غنمًا، فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت