للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليست لهم توبة إلا أن يكون توبة منهم فترد؛ كقوله: (لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ).

وقيل: هم قوم علم اللَّه أنهم لا يتوبون أبدًا؛ فأخبر أنه لا يقبل توبتهم؛ كقوله: (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).

وقيل: لا تقبل توبتهم عند الموت؛ كقوله: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، وكقوله: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)، وكقوله: (لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ): أخبر أنه لا ينفع الإيمان في ذلك الوقت؛ فعلى ذلك قوله: (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ في ذلك الوقت؛ إذا داموا على الكفر إلى ذلك الوقت.

قال الشيخ - رحمه اللَّه - في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) -: ذلك في قوم مخصوصين، أي: لا يكون منهم توبة؛ كقوله: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ)، أي: لا شافع لهم، ويحتمل عند رؤية بأس اللَّه وجزاء فعله عند القيامة أو معاينة الموت؛ يدل على ذلك الآية التي تقدمت.

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا (٩١) الآية.

قوله: (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ)، يقول: لو كان معهم لافتدوا به أنفسهم - ما قبل منهم، ولكن لا يكون؛ كقوله: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ)، أي: لا يكون لهم شفيع، لا أن كان لهم شفعاء فيشفعون فلا تقبل شفاعتهم، ولكن لا يكون لهم؛ فهذا يدل على أن قوله: (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)، أي: لا يتوبون، واللَّه أعلم.

ورُويَ عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " يُجَاءُ بالكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَرأَيْتَ لَو كَانَ لَكَ مِلءُ الأرْضِ ذهبًا، أكُنْتَ مُفْتَديًا به؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>