قال الكسائي:(حَتَّى إِذَا فُزِّعَ) مشتقة من الفزع؛ كما تقول: هيبه عن قلبه وفرقه وفزع كله واحد.
ومن قرأ:(فُرِّغ)، بالراء: أخرج وترك فارغا من الخوف والشغل، وهي قراءة ابن مسعود.
قَالَ بَعْضُهُمْ - في قوله:(قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ) يقول: يخبرون بالأمر الذي جاءوا به، ولا يقولون إلا الحق، لا يزيدون ولا ينقصون.
وقوله:(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)، أي: لا يملكون إنشاء ذرة في السماوات والأرض، (وَمَا لَهُمْ) في إنشائها (فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ) في إنشاء ذلك من عون؛ فكيف تعبدونهم وتسمونهم آلهة؟!.
وجائز أن يكون قوله:(حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ).
ذلك الفزع مهم وذلك القوك مهم في القيامة؛ فزعوا لقيامهات وقد قرئ (حَتَّى إِذَا فَزَّعَ)، بنصب الفاء، أي: حتى إذا فَزَّع اللَّه، أي: كشف اللَّه عن قلوبهم الفزع، وجلا ذلك عنهم، واللَّه أعلم.
هذا في الظاهر وإن كان استفهامًا فهو على التقرير والإيجاب؛ لأنا قد ذكرنا: أن كل استفهام كان من اللَّه، فهو على التقرير والإيجاب.
ثم لو كان ذلك ممن يكون منه الاستفهام، لكان جواب قوله:(مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) يقولون: اللَّه يرزقنا؛ كقوله:(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. . .)، ثم قال في آخره:(فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ)، فيقول لهم: فإذا علمتم أن اللَّه هو رازقكم، فكيف صرفتم عبادتكم عنه إلى من تعلمون أنه لا يملك شيئًا من رزقكم؟! كقوله:(إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ)؛ إنه لا يملك غيره شيئًا من رزقكم.