للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قعيد، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤).

يحتمل أن يكون الخطاب بقوله - تعالى -: (أَلْقِيَا) لاثنين؛ على ما هو ظاهر الصيغة، الذي يسوقه والذي يشهد عليه، حيث قال: (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) كأن الأمر بذلك لهما.

ويحتمل أن يكون المراد بالخطاب هو القرين الذي سبق ذكره: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) لكن قال: (أَلْقِيَا) لوجهين:

أحدهما: ما قيل: إن العرب قد تذكر حرف التثنية على إرادة الواحد والجماعة.

والثاني: ما قَالَ بَعْضُهُمْ: إن المراد من قوله (أَلْقِيَا) أي: ألق ألق، على التأكيد؛ كقوله - تعالى -: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ)، على الوعيد في الذم، ويقال في المدح: بخ بخ، ونحو ذلك، على التأكيد، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) يحتمل: كل كفار لنعم اللَّه - تعالى - حيث صرف شكرها إلى غيره.

أو كل كفار لتوحيد اللَّه، وتسمية غيرٍ: إلها.

والعنيد، قَالَ بَعْضُهُمْ: هو الذي بلغ في الخلاف غايته، والمخالف أشد الخلاف، من عند يعند عنودًا، فهو عاند، وعنيد بمعنى: عاند.

وقيل: هو الذي لا ينصف من نفسه.

وقيل: هو الذي يكابر ويعاند بعد ظهور الحق له، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ... (٢٥) يحتمل وجهين:

أحدهما: مناع عن الخير، وهو منع غيره عن التوحيد وقبول الحق.

والثاني: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أي: منع ما عنده من الحقوق التي وجبت في أمواله ونفسه.

وقال بعض أهل التأويل: أراد به الوليد بن المغيرة المخزومي؛ لكن هذا عادة كل كافر؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)، فلا معنى لتخصيص واحد به.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) المعتدي من الاعتداء، وهو المجاوز عن حدود اللَّه - تعالى - والمريب من الريبة، وهو الشك والفساد، فكأن المريب هو الذي فيه الشك والفساد جميعًا.

ثم نعت ذلك الإنسان فقال: (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (٢٦) أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>