للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ الْفَتْحِ

ذكر أن سورة الفتح مدنية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (٧).

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) قَالَ بَعْضُهُمْ: هو فتح مكة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو صلح الحديبية الذي بين رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبين أهل مكة حين صدوهم عن دخولهم مكة، وحالوا بينه وبين زيارة البيت، وكان له فيها -أعني: في قصة الحديبية- أمران وآيتان ظاهرتان عظيمتان:

أحدهما: أنه أصابه ومن معه من أصحابه عطش، فأتى بإناء ماء، فنبع من ذلك الإناء من الماء مقدار ما شرب منه زهاء ألف وخمسمائة، حتى رووا جميعًا؛ فذلك آية عظيمة حسية على رسالته.

والثاني: أخبر بغلبة الروم فارس، وذلك علم غيب، وكان كما ذكر وأخبر؛ فدل أنه إنما علم ذلك باللَّه تعالى.

وقصة الحديبية: روي عن رجل يقال له: مجمع بن حارثة قال: شهدت الحديبية مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فلما انصرفنا عنها إذ الناس يوجفون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قال: أوحي إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: فخرجنا نوجف مع الناس حتى وجدنا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - واقفًا عند كراع الغميم -اسم موضع- فلما اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) قال: قال رجل من أصحاب رسول اللَّه: أو فتح هو يا رسول اللَّه؟ قال: " إي والذي نفسي بيده إنه بفتح " قال: ثم قسمت الحديبية على ثمانية

<<  <  ج: ص:  >  >>