للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)

وقوله: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... (١٩)

في الآية إضمار فعل أو فاعل لكي تصح المقابلة؛ لأنه إنما يقابل فعل بفعل، أو فاعل بفاعل، لا يقابل فعل بفاعل، ولا فاعل بفعل، فهاهنا ذكر السقاية وعمارة المسجد مقابل من آمن باللَّه، فهو - واللَّه أعلم -: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد كإيمان من آمن باللَّه واليوم الآخر؟!

أو أن يقال: أجعلتم القائم بإصلاح سقاية الحاج وعامر المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر؟! ليكون مقابلة شخص بشخص، أو فعل بفعل.

ثم لا يصح أن يجمع بين الكافر والمؤمن، فيقال: لا يستويان عند اللَّه، وإن كان الكافر قد أتى بالمحاسن، إلا أن يقال: ليس من فعل محاسن في حال كفره ثم آمن من بعده كمن آمن وفعل محاسن وهو مؤمن، هذا يجوز أن يجمع فيقال: لا يستوون عند اللَّه، وأما الكافر الذي مات على الكفر وإن عمل خيرات، والمؤمن الذي عمل الصالحات فمات على ذلك، فيجمع فيقال: لا يستويان فلا.

أو أن يقابل بالجهاد الذي ذكر: لا يستوي من بذل نفسه للقتل والتلف كمن سقى الحاج وعمر المسجد الحرام ولم يبذل نفسه لذلك؛ فأما أن يقال: لا يستوي الكافر والمؤمن، فذلك غير محتمل؛ لأنه إنما يقابل الشيء بالشيء إذا قرب بعضه من بعض، وأما عند البعد منه فلا يقال ولا يقابل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

ما داموا في ظلمهم، وما داموا اختاروا الظلم، لا يهديهم وقت اختيارهم الظلم، أو لقوم مخصوصين، وقد ذكرنا معناه في غير موضع.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) قوله: (آمَنُوا)، أي: صدقوا رسول اللَّه في جميع ما يخبر عن اللَّه أنه صادق، وفي جميع ما دعا إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>