قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قيل فيه من أوجه:
أحدها: أن سبح ربك.
وقيل: سبح اسمه.
وقيل: سبح ربك بأسمائه.
فمن قال: سبح ربك، فمعناه: أن نزهه عن جميع المعاني التي يحتملها غيره من الآفات والحاجات والأضداد والأنداد؛ فيكون القول به توحيدا.
وروي عن مقاتل بن سليمان أنه قال: تأويله: وحد ربك، وتوحيده ما ذكرنا.
وقال بعض المفسرين: تأويله: أن صل لربك؛ وهذا محتمل؛ لأن الصلاة بنفسها تسبيح؛ لأنه بالافتتاح يقطع وجوه المعاملات بينه وبين الخلق، ويمنع نفسه عن حوائجها؛ فيجعلها لله تعالى، وهذا هو التوحيد والإيمان؛ لأنه بالإيمان يجعل الأشياء كلها لله تعالى سالمة؛ فصارت الصلاة تسبيحا لعينها، لا للتسبيح المجعول فيها.
ومن حمل التسبيح على الاسم، فقال: نزه اسمه، فذلك يرجع إلى الأسماء الذاتية، وهو ألا يشرك غيره فيسميه بها، والأسماء الذاتية قوله: اللَّه الذي لا إله غيره الرحمن، وما أشبهه من الأسماء، وتنزيهه للأسماء الصفاتية: أن ينزهها عن المعاني التي استوجب الخلق الوصف به، كقولك: عالم، حكيم، رحيم، مجيد؛ فمن وصف بالعلم من الخلائق فإنما استوجب الوصف به بأغيار دخلن فيه، واستوجب الوصف بالحكمة والوصف بالمدح بالأغيار، واللَّه - تعالى - استحق الوصف به بذاته، لا بأغيار، فينصرف التنزيه إلى الأغيار؛ إذ صفاته ليست بأغيار للذات؛ وهي لا تفارق الذات، فالامتداح الواقع بالصفات امتداح بالذات الموصوف بها، واللَّه الموفق.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: معناه: سبح بالحمد والثناء؛ وهو يرجع إلى ما ذكرنا من التأويل