للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المثلة، فيقال له: المثلة يراد بها على ما قال مُحَمَّد بن الحسن - رحمه اللَّه - ولأن الصلب جعل عقوبته، والميت لا يعاقب، ولو جاز أن يصلب بعد القتل لجاز لغيره أن يقول: تقطع يده ورجله بعد القتل؛ فذلك بعيد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ... (٣٤)

قد ذكرنا فيما تقدم أن قطاع الطريق إذا تابوا قبل أن يقدر عليهم، سقط عنهم الحدود التي هي للَّهِ نعالى، لا يؤاخذون بها، وليس كغيرها من الحدود التي تلزم في غير المحاربة - أن التوبة لا تعمل في إسقاطها - لوجهين:

أحدهما: أن التوبة من غير المحارب لا تظهر حقيقة، فإذا لم تظهر - لم تعمل في إسقاط ما وجب، وفي المحارب تظهر؛ لأنه في بدي نفسه إذا ترك المحاربة والسعي في الأرض بالفساد، وظهرت منه التوبة فلم يؤاخذ به، وفي سائر الحدود لا يظهر منه ترك ما كان يرتكب؛ لذلك افترقا.

والثاني: أنه لو لم يقبل منه ذلك لتمادى في السعي في الأرض بالفساد في حق المسلمين من الضرر أكثر مما لو أخذوهم بذلك، فاستحسنوا قبول ذلك منهم، ودرئ ما وجب عليهم من الحدود التي هي لله تعالى.

وأما الحقوق التي هي للعباد: فذلك إلى الأولياء: إن شاءوا أخذوهم بذلك، وإن شاءوا تركوا، واللَّه أعلم.

وأما قوله: " من جاء مسلمًا هدم الإسلام ما كان في الشرك "، معناه: إذا جاء تائبًا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>