للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ... (٨٠)

لأن اللَّه - تعالى - أمر بطاعة الرسول، فإذا أطاع رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فقد أطاع اللَّه - تعالى - لأنه اتبع أمره؛ ألا ترى أنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)، وحتى جعل طاعة الرسول من شرط الإيمان بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآية.

والثاني: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إنما يأمر بطاعة اللَّه، فإن أطاع رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وائتمر بأمره فقد أطاع اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - لأنه هو الآمر بطاعة اللَّه، وباللَّه التوفيق.

وقيل: لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يأمر بأمر اللَّه - تعالى - لذلك كانت طاعته طاعة اللَّه، وذكر في بعض الأخبار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال في المدينة: " مَنْ أَحَبَّني فَقَدْ أَحَبَّ اللهَ - تعالى - وَمَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ " فعيره المنافقون في ذلك فأنزل اللَّه - تعالى - تصديقًا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا).

وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " مَنْ أَطَاعَ اللهَ فَقَدْ ذَكَرَ وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتلَاوَتُهُ الْقُرْآنَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ نَسِيَ اللهَ - تَعَالَى - وإنْ كَثُرَ صِيَامُهُ وَصَلَاتُهُ وَتِلَاوَتُهُ القُرْآنَ "، فطاعة اللَّه - تعالى - إنما تكون في اتباع أمره، وانتهاء مناهيه، وكذلك حبه إنما يكون في اتباع أمره ونواهيه؛ كقوله - تعالى -: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>