و (هل): هو حرف استفهام في الظاهر، لكن المراد منه: ما على الرسول إلا البلاغ المبين؛ على ما قاله أهل التأويل، ما قد كان من اللَّه من البيان أن ليس على الرسل إلا البلاغ المبين. وكذلك قوله:(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ)، أي: ما ينظرون إلا أن تأتيهم كذا. وكذلك قوله:(أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى)(أم): هو حرف شك، ومراده: ما للإنسان ما تمنى، وأمثاله لما سبق من اللَّه ما يبين لهم أن ليس للإنسان ما تمنى، وقد ذكر تأويل قوله:(وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) في سورة الأنعام.
ويحتمل قولهم هذا وجوهًا:
أحدها: قالوا ذلك على الاستهزاء به؛ كقوله:(وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا).
والثاني: قولهم: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ) أي: لو أمر اللَّه أن نعبده ولا نعبد غيره لفعلنا؛ كقوله:(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا. . .) الآية. والثالث: قالوا: لو لم يرض اللَّه منا ذلك ما تركنا فعلنا ذلك؛ ولكن أهلكنا.