بإشارات منه طوعًا؛ فدل أن تأويل الملك لا يصح في السلطان، ويكون تأويله السبيل أو الحجة.
ثم يحتمل قوله: (لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) - بالقرآن؛ لأنه ذكر على أثر ذكر القرآن، ويحتمل: الذين آمنوا بربهم، وهما واحد في الحاصل؛ (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ): حجته أو سبيله على الذين يتخذونه وليًّا، فيطيعونه في كل أمره وجميع إشاراته وما يلقي إليهم، وأصله: ليس له سلطان على الذين آمنوا بربهم.
(وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
في جميع أحوالهم وساعاتهم؛ أي: لا سلطان له ولا سبيل على من آمن به وتوكل عليه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)
يحتمل قوله: (بِهِ مُشْرِكُونَ).
إبليس يتبعونه ويعدلون بربهم، ويحتمل (بِهِ مُشْرِكُونَ): بربهم، والتوكل: هو الاعتماد به، وتفويض الأمر إليه في كل حال: السراء والضراء وفي وقت الضيق والسعة؛ فذلك التوكل به.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)
الآية تحتمل وجهين:
أحدهما: ما قاله أهل التأويل على التناسخ أن يبدل آية مكان آية، وهو على تبديل حكم آية بحكم آية أخرى، لا على رفع عينها.
والثاني: قوله: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)، أي: بدلنا حجة بعد حجة، وآية بعد آية لرسالته.
(قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ)
كلما أتاهم حجة على أثر حجة، وآية بعد آية يقولون: إنما أنت مفتر. ينسبون إليه