أي: عن شكهم يترددون.
وعن الحسن قال: (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) إلى قوله: (يَتَرَدَّدُونَ).
نسختها الآية التي في سورة النور: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ).
لكن هذا لا يحتمل؛ لأنه ذكر أن سورة التوبة من آخر ما نزل.
أو أنهم إذا كانوا في أمر جامع لم يذهبوا إلا بعد الاستئذان؛ لأنهم كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين في الأمور الجامعة، وأما في الخلوات فلا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)
يحتمل أن يكون هذا في غزوة تبوك؛ على ما قاله أهل التأويل، أمروا بالخروج والتأهب للغزو فعزموا ألا يخرجوا، فعوتبوا على ذلك.
ويحتمل أن يكون في جميع الغزاة عزموا واعتقدوا ألا يخرجوا، ولا يتأهبوا له قط، فقالوا: لو استطعنا لخرجنا معكم، فأكذبهم اللَّه - تعالى - أنهم كذبة، وأنهم أغنياء، لكنهم عزموا ألا يخرجوا، ولا يعدوا له عدة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ).
يحتمل قوله: (كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ) أي: لم يرض اللَّه بخروجهم وانبعاثهم.
ثم بين الوجه الذي لم يرض ما ذكر في قوله: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا)، أي: فسادًا، لم يرد اللَّه خروجهم لما علم منهم أن خروجهم وانبعاثهم لا يزيد في الجهاد إلا ما ذكر من الخبال والفساد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَثَبَّطَهُمْ).
قيل: حبسهم، أي: إذا علم منهم أن خروجهم وانبعاثهم لم يزدهم إلا فسادًا، حبسهم.
ويحتمل: أن خلق منهم الفعل الذي كان منهم من الكسل والتثاقل.
وفيه دلالة خلق اللَّه فعل الشر، ويكون في ذلك خير لغيره، وإن كان شرًّا لهم، فعلى ذلك خلق فعل المعصية من العاصي، وهو شر له، ويكون ذلك خيرًا لغيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ).