للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتمنى أن يكون ما كان منه في تلك الحال من الشر: خيرًا؛ فهو كقوله - تعالى -: (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)؛ لأنهم يندمون على تلك السيئات التي كانت منهم، ويتمنون أن يكون الذي كان منهم في تلك الحال خيرًا لا شرًّا، والله أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (٦٦)

يحتمل هذا وجهين:

يحتمل: ولو أنهم عملوا بما في التوراة والإنجيل، وبما أنزل إليهم من القرآن - لأكلوا من كذا مما ذكر.

ويحتمل: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ): على ما أنزل، ورجعوا عما حرفوا فيها وغيروه وكتموه من نعت نبينا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته، وما فيها من الأحكام - لكان لهم ما ذكر، واللَّه أعلم.

وذلك أنهم كانوا يخافون الضيق إذا أسلموا وهو - واللَّه أعلم - قوله: (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) فأخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أنهم لو آمنوا واتقوا الشرك، لوسع عليهم العيش.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ).

ليس على حقيقة الأكل؛ ولكن يخرج على المبالغة في الوصف والذكر؛ كما يقال: فلان من قرن رأسه إلى قدمه في نعمة: ليس على حقيقة ما وصف؛ ولكن على المبالغة في الوصف بالسعة.

ويحتمل: أن يكون على حقيقة الأكل: أما ما يخرج من تحت الأرجل: فهو ما يخرج من الأرض من المأكول والمشروب، ومن فوقهم: من الثمار والفواكه يخرج من الأشجار.

ويحتمل: ما ذكر (مِنْ فَوْقِهِمْ): وهو الجبال، و (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ): الأرض، إخبار أن يكون لهم نزل الجبل والسهل جميعًا.

وقيل: (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ)، أي: أرسل اللَّه عليهم مدرارًا، (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ): تخرج الأرض بركتها، وتنبت لهم الثمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>