وقوله:(فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ): غني: عن شكره، كريم: يقبل القليل منه واليسير.
وقوله:(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (٤١) قال أهل التأويل: (نَكِّرُوا) أي: غيروا لها عرشها؛ كأنه أمر أن يغيروا بعض ما عليه من الزيادة والنقصان؛ ليمتحنها أتعرف أنه عرشها أم لا؟ والمنكر هو الذي لا يعرف؛ كقوله:(قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)، وقوله:(نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)، أي: لم يعرفهم.
وقوله:(نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا): كان يجيء أن يقال: نكروا عرشها، ويكون (لَهَا) زائدة، إلا أن يقال:(نَكِّرُوا لَهَا)، أي: نكروا لأجلها عرشها، وهذا يشبه أن يكون.
وقوله:(نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ): قال أهل التأويل: أتهتدي أنه عرشها أو لا تهتدي إليه؟
وجائز أن يكون قوله ننظر: أتهتدي إلى دين اللَّه وتوحيده، أم تكون من الذين لا يهتدون إلى دين اللَّه؟
وقوله:(فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ): قَالَ بَعْضُهُمْ: شبهت هي عليهم ولبست أمره، كما فعلوا هم بها من تغيير عرشها عليها وتلبيسه عليها، لكن قوله:(كَأَنَّهُ هُوَ) لم تقطع فيه القول لما رأت فيه من التغيير والتنكير، ورأت فيه سررها - وقفت فيه.
ودل قوله:(فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ) أن العرش لم يحمل وهي نائمة، على ما قاله بعض أهل التأويل: إنه حمل دونها من قبل، ثم جاءت بعد ذلك - واللَّه أعلم - ألا ترى أنه لو أمرهم أن يغيروا عرشها وهي عليه لم تشعو به - هذا بعيد، واللَّه أعلم بذلك.
وقوله:(وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ): إن كان هذا القول من سليمان فكأنه يقول: قد أوتينا العلم من قبل علمها به أنه عرشها، ولنا غنية عن السؤال لها عنه، لكن نسألها مستخبرين عن ذلك ممتحنين لها.
وقوله:(وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) أي: صرنا مسلمين جميعًا، وأن يكون هذا صلة قوله: (وَلَقَدْ