وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) في العاقبة وعيد من يأتيه عذاب يخزيه، أو سوف تعلمون في العاقبة من يأتيه منا عذاب يخزيه نحن أو أنتم ومن هو كاذب، وتعلمون -أيضًا- في العاقبة من الكاذب منا فحن أو أنتم؛ لأن كل واحد من الفريقين يدعي على الفريق الآخر الكذب والافتراء على اللَّه، فيقول: سوف تعلمون في العاقبة من الكاذب منَّا والمفتري على اللَّه، والصادق عليه (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) أي: ارتقبوا هلاكي، وأنا أرتقب هلاككم، أو ارتقبوا لمن العاقبة منا لنا أو لكم إني معكم رقيب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ... (٩٤) هذا قد ذكرناه فيما تقدم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الصيحة: اسم كل عذاب، وكذلك الرجفة؛ سمي العذاب بأسماء مختلفة: مرة صاعقة، ومرة صيحة، ومرة رجفة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) هذا -أيضًا- قد ذكرناه فيما تقدم.
قال بعض أهل التأويل: قوله: (أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ) في الهلاك (كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ):
كما أهلكت ثمود؛ لأن كل واحد منهما هلك بالصيحة فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لم يعذب بعذاب واحد إلا قوم شعيب وصالح؛ فأمَّا قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب من فوقهم.
قال: فنشأت لهم سحابة فيها عذابهم، فلم يعلموا كهيئة الظلة فيها ريح، فلما رأوها أتوها يستظلون تحتها من حر الشمس، فسالَ عليهم العذاب من فوقهم، فذلك قوله:(فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ).
وقوله:(أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) من رحمته.