والحسن يقول: عرضت الأمانة على السماوات وما ذكر، فقيل لهن: أتأخذن الأمانة بما فيها؟ قلن: يا رب، وما فيها؟ قيل لهن: إن أحسنتن جزيتن، وإن أسأتن عوقبتن، قلن: لا (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا) لنفسه (جَهُولًا) بربه، وهو مثل الأول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان ظلومًا لنفسه في ركوبه المعصية، جهولا بعاقبة ما تحمل.
والوجه فيه ما ذكرنا بدءًا أنه لا تُفسر الأمانة أنها ما هي؟ وكيف كان ذلك العرض على من ذكر من السماوات والأرض والجبال، وإباؤهن، وإشفاقهن؛ واللَّه أعلم ما أراد بذلك.
وقوله:(لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ ... (٧٣) على من ذكر؛ أي: ليعذب من علم أنه لا يقوم بوفائها ويضيعها - أعني: الأمانة التي احتملها - وإنما ضيعها من ذكر من المنافقين والمشركين، ويثيب من لم يضيعها وقام بوفائها، وهم المؤمنون.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: السداد: الاستقامة؛ تقول: سددك اللَّه، وأرشدك.
وقال أبو عبيدة: السديد: القصد.
وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ، والقصد كأنه العدل، واللَّه أعلم.