للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للرسل من قبله، كان قريبًا أن ذاقوا وبال أمرهم.

والوجه الثاني: أن يقول: مثل أهل المدينة من الكفار حين هموا بإخراج الرسول من المدينة كمثل أهل مكة حين أخرجوا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من مكة وكان قريبًا، حتى ذاقوا وبال أمرهم من الأسر والقتل، والدليل على أن كفار المدينة هموا بإخراج الرسول على قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا. . .) الآية.

ويحئمل أن يكون تخصيصًا لقرية أو قبيلة، ووجه ذلك أن يقول: مثل بني قريظة كمثل الذين من قبلهم وهم بنو النضير، وإن كانوا قريبًا أن ذاقوا وبال أمرهم، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

هذا إخبار أنهم يموتون على الكفر، وفيه دلالة رسالته على حيث أخبر عن الغيب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦).

فكذلك المنافقون يظهرون الموالاة والنصر، فإذا جاء القتال امتنعوا وتبرءوا عنهم.

ثم قوله: (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) يجوز أن يكون في الآخرة؛ حيث يقول: (مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ).

ويجوز أن يكون في الدنيا، وهو قوله: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) [ ... ].

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ).

الأصل إذا ذكرت حال بين العبد وبين سيده، لم يكن بد من إضمار يدخل في ذلك، مثاله قوله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا)، يعني: أنه معهم في النصر

<<  <  ج: ص:  >  >>