للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقطع ولا يصل؛ إذ لو حمل ذلك على ما يقولون هم لخرج فعله فعل من يجهل العواقب. فَإِنْ قِيلَ: فلِمَ يلام القاتل إذا قتل غيره بغير حق؟

قيل له: لأنه كتب أجل المقتول بقتل هو معصية بما علم اللَّه أنه ينقضي به. وكتاب الآجال هو بيان النهايات والأعمار.

وقوله: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤)

قد ذكرناه متضمنًا فيما تقدم.

وقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)

عامل اللَّه تعالى بلطفه وكرمه الخلق معاملة من لا حق له في أموالهم، لا كمعاملة العباد بعضهم بعضًا، وإن كان العبيد وأموالهم كلهم له حيث طلب منهم الإقراض لبعضهم من بعض ثم وعد لهم الثواب على ذلك فقال: (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً). ثم لما سمع اليهود ذلك قالوا: إن إله مُحَمَّد فقير، وهو قوله: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا ِإنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ). ومرة قالوا لما رأوا الشدة على بعض الناس فقالوا: إنما يفعل ذلك ببخله حيث قالوا: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ). فرأوا المنع إما للبخل وإما للفقر. فأكذبهم اللَّه في قولهم ذلك فقال: (وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ).

قيل: (يَقْبِضُ)، أي يقتر، (وَيَبْسُطُ)، أي يوسع.

وقيل: (يَقْبِضُ) ما أعطى، أي يأخذ. و (وَيَبْسُطُ) ويترك ما أعطى، ولا يأخذ منه شيئًا.

وقيل: إنها نزلت في أبي الدحداح؛ وذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة. فقال أبو الدحداح: إن تصدقت بحديقتي، فلي مثلها في الجنة؟ فقال: نعم. وقال: وأم الدحداح معي؟ قال: نعم. وقال: والصبية معي؟ قال: نعم. فرجع أبو الدحداح فوجد أم الدحداح والصبية فيها، فقام على باب الحديقة، فنادى: يا أم الدحداح إِنِّي جعلت حديقتي هذه صدقة، واشترطت مثيلتها في الجنة، وأم الدحداح

<<  <  ج: ص:  >  >>