وقَالَ بَعْضُهُمْ: بل يغور ماء كل بحر في مكانه، لا أن تجتمع المياه كلها في مكان واحد وبحر واحد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بل يمتزج بعضها ببعض؛ فتصير نارا يعذب بها أهلها، وكذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)، وقال:(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ)، واللَّه أعلم أي ذلك يكون؟.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) أي: بعث مَن فيها، وتقذف القبور مَن فيها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) أي: تعلم الأنفس ما عملت، إلى آخر ما انتهى إليه عملها فلا يخفى عليها شيء من أمرها.
ومنهم من يقول: ما قدمت من خير وأخرت من شر فستعرفه في ذلك اليوم.
ومنهم من يقول: علمت ما قدمت من العمل؛ أي: بما عملت بنفسها، (وما أخرت) أي: ما سنت من السنة فعمل بها بعدها.
وهذا الذي ذكروه داخل في تفسير الجملة التي ذكرنا أنها تعلم من أول ما عملت إلى آخر ما انتهى إليه عملها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) يحتمل: عن ربك؛ فيكون تأويله: أي شيء غرك عن ربك الكريم؛ حتى اغتررت به؟! واغتراره عن ربه الإعراض عن طاعته وعبادته، وقد تستعمل الباء في موضع " عن "؛ قال اللَّه - تعالى -: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ)، ومعناها: يشرب عنها، لا أن يشربوا فيها كرعا، أو تجعل العين آنية لهم.
ثم وجه الجواب للمغتر باللَّه - تعالى - في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) هو أن كرمه دعا الإنسان إلى ركوب المعاصي؛ لأنه لم يأخذه بالعقوبة وقت