الجسد يكون له سرور وحزن، لا يتألم ويتلذذ، وقد جرى الوعد بالمؤلم والملذ.
وكذلك حكمة خلق الجسد على ذلك بما يحقق العلم بالمرغب والمرهب من الموعود، على أن السرور والغموم ليسا بحيث يرغب فيهما أو يزهد إلا من حيث يألم الجسد ويتلذذ، بل كل يكون فيه الأمران؛ ليسر ويحزن؛ فلذلك كان القول بالأجساد أحق من طريق التقدير على ما جرى به حق السمع والعقل، واللَّه أعلم بحقيقة ذلك، وبيده الملك، يكرم من شاء بما شاء؛ فضلًا منه، ويهين من شاء؛ بما شاء عدلًا منه، والله الموفق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ)
بما أنزل على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من اليهود (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ)
قال: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) يعني: بالكتاب الذي أعطى إبراهيم (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ): عن الكتاب، وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقيل: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) يعني: إبراهيم (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) يعني: عن إبراهيم، عليه السلام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا)
كأن جهنم - واللَّه أعلم - معظم النار وجميع دركاتها، والسعير هو التهابها ووقودها؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤).
ويحتمل قوله: (وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) أي: عذابًا، واللَّه أعلم.
(وَكَفَى بِجَهَنَّمَ) أي: بالتهاب جهنم التهابًا؛ إذ السعير: الالتهاب، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا)
يحتمل الآيات: أعلام الدِّين وآثاره.