وقوله:(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هم الأمراء، والشرط الذي يحفظونه في ظواهر من أمره؛ يخبر أنه محفوظ عليه الخفيات من أمره؛ حيث قال:(سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ. . .) الآية؛ حيث أخبر أنه يعلم ذلك ومحفوظ عليه الظواهر من أمره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ): الملائكة الذين يحفظونه، وعلى ذلك روي في الخبر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال:" يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه "، مثل قوله:(عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ)، قال: الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه؛ الذي عن يمينه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) يحتمل قوله: (لَهُ)، أي: لله معقبات يحفظونه، ويحتمل:(لَهُ) من كل ذكر وأنثى؛ يكون مثله قوله:(يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى).
وقوله:(يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) يحتمل قوله: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)، أي: يحفظون نفسه من البلايا والنكبات التي تنزل على بني آدم؛ فإن كان في حفظ نفسه فقوله من أمر اللَّه؛ أي: من عذاب اللَّه وبلاياه؛ كقوله:(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا)، وهو عذابنا.
ويحتمل قوله: يحفظون أعماله؛ بأمر اللَّه، ثم يحتمل قوله:(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) وجوهًا: يحتمل: من بين يديه: الخيرات التي يعملها، ومن خلفه: الشرور والسيئات، ويحتمل قوله:(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ): ما قذم من الأعمال، (وَمِنْ خَلْفِهِ): ما بقي وأخر؛ كقوله:(عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ)، ويحتمل (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ): ما مضى من الوقت، (وَمِنْ خَلْفِهِ): ما بقي. واللَّه أعلم.