للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِالْحَقِّ): له وجهان:

أحدهما: بالحق الذي استحقه اللَّه على عباده.

والثاني: أنهم جاءوا بالذي هو حق في العقول وصواب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ).

قوله: (تِلْكُمُ): إنما يتكلم عن غائب، وهم فيها، لكن تأويله - واللَّه أعلم - أن تلكم الجنة التي كنتم وعدتم في الدنيا وأخبرتم عنها هذه.

(أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). أي: أورثكم أعمالكم.

وفيه دلالة أن الإيمان من جملة أعمالهم؛ حيث قال: أورثتموها بما كنتم تعملون، وإنما يورث ذلك بالإيمان وسائر الأعمال بل إنما يصح بالإيمان، ذكر أنهم أورثوا الجنة بما عملوا، وإن كانوا ينالونها بفضل اللَّه جزاء وشكرًا؛ لقولهم الذي قالوا: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ ... (٤٤)

ما وعد المؤمنين - عَزَّ وَجَلَّ - الجنة وما فيها من النعيم واللذات والشهوات، بقوله: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)، وقوله: (لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ): هذا الذي وعد للمؤمنين، ووعد الكفار النار، وما فيها من الشدائد وأنواع العذاب، فأقروا أنهم قد وجدوا ما وعدهم ربهم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا): إن المراد بالحق الذي ذكر: الوعد الذي وعدهم وتفسير الحق الصدق، وإن كان الموعود فتأويله: وجدتموه كائنا حاضرا، وهو ما ذكرنا في قوله: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا).

(فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).

أي: وجبت لعنة اللَّه على الظالمين الذين وعدوا في الدنيا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ) يحتمل الملك، ويحتمل غيره، وليس يعرف ذلك إلا بالخبر، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة.

فَإِنْ قِيلَ: يذكر في الآية نداء أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة، ونداء

<<  <  ج: ص:  >  >>