يعني: من تقدم ذكره من الجن، والإنس، أو نحشر الأولين والآخرين.
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ).
هو على الإضمار؛ كأنه قال: يوم نحشرهم جميعًا أيا معشرأ الجن والإنس، ثم نقول للجن:(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ)، كقوله:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) أي: يقولون: ما نعبدهم إلا لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّه زلفى؛ فكذلك هذا هو على الإضمار.
قال أهل التأويل في قوله:(قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي: أضللتم كثيرًا من الإنس، وهم قد استكثروا من الأتباع من الإنس: في عبادة غير اللَّه، ومخالفة أمر الله وتوحيده أو: قد استكثرتم عبادا من الإنس.
اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: تعاون بعضنا ببعض في معصية اللَّه ومخالفة أمره: هَؤُلَاءِ بالدعاء وأُولَئِكَ بالإجابة.
وقال قائلون: ربنا استمتع بعضنا ببعض أي: انتفع بعضنا ببعض بأنواع المنافع: ما ذكر - في بعض القصة - أن الرجل من الإنس إذا سافر فأدركه المساء بأرض القفر خاف؛ فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه؛ فيأمن في ذلك بالتعوذ إلى سيدهم؛ فذلك استمتاع الإنس بالجن؛ فذلك قوله:(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ) الآية.
وأمَّا استمتاع الجن بالإنس فهو ما يزداد لهم الذكر والشرف في قومهم، يقولون: لقد سودتنا الإنس. ويحتمل استمتاع الجن بالإنس ما ذكر - إن ثبث - أنه جعل طعامهم العظام التي يستعملها الإنسان، ويكون ذلك غذاءهم، وعلف دوابهم أرواث دواب الإنس.