للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرض على الصدقة والمسألة عليها.

ألا ترى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " إن الصدقة لا تحل إلا في إحدى ثلاث "، فذكر إحداها: " أو فقر مدقع "، فذلك يبيح لذي المرة السوي أن يقبل.

ألا ترى أن الرجلين اللذان سألا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال لهما: " إن شئتما أعطيتكما "، فلو كان حرامًا عليهما ما أعطاهما الحرام، ولكن ذلك على الزجر عن المسألة.

وروي عن سلمان أنه حمل إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صدقة، فقال لأصحابه: " كلوا " ولم يأكل هو، ولا يتوهم متوهم أن أصحابه كانوا زمنى، فهذا يبين أن النبي أراد الزجر عن المسألة والتعرض لها إلا في حال الضرورة، لا على التحريم لها وأن من أخذها وله أقل من مائتي درهم أو قيمتها، فله فيها ملك سداد من عيش، فذلك مكروه.

ألا ترى أنه روي عن الحسن أنه قال: كان أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يأخذون الصدقة ولأحدهم من السلاح والكراع والعقار قيمة عشرة آلاف درهم. فهذا حسن، والتعفف عنها أحسن؛ لقول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " من استغنى أغناه اللَّه، ومن استعف أعفه اللَّه ".

وقوله: " لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب خير له من أن يسأل الناس شيئًا أعطوه أو منعوه ".

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)

بما حلفوا عليه.

ذكر بعض أهل التأويل أن الأنصار مشت إليهم - يعني: إلى المنافقين - فقالوا: قد

<<  <  ج: ص:  >  >>