للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدء الخلق ولا بعثه. وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (ثُمَّ يُعِيدُهُ) لا يحتمل البعث؛ لأنهم كانوا لا يقرون بالبعث، فلا يحتمل الاحتجاج عليهم بذلك، ولكن قوله: (ثُمَّ يُعِيدُهُ) ما سوى البشر؛ لأنهم إنما ينكرون إعادة البشر، فأما إعادة غيره من الأشياء لا ينكرونه؛ نحو إعادة اللمل والنهار، وإعادة الإنزال والنبات، ونحو الأشياء التي يشاهدونها، أي: ثم يعيد مثله: الليل ليلا مثله، والنهار نهارا مثله؛ وكذلك الخلائق تفنى ثم يعيد مثله، فإذا ثبت في غير البشر ثبت في البشر.

ويحتمل الأمرين جميعًا عندنا البعث وأشياء مثله؛ لأنه تعليم منه لهم، ألا ترى أنه قال: (قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) قيل: تكذبون بتوحيد اللَّه، وقد عرفتم أنه هو بدأ الخلق ثم هو يعيده، لا أحد يملك ذلك، ألا ترى أنه احتج عليهم ما يلزمهم ذلك بقوله: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥) يحتمل قوله: (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) يدعو إلى الحق فإذا كان هَؤُلَاءِ الأصنام التي تعبدونها لا يملكون الدعاء إلى شيء، فلا يملكون الضر والنفع، ومغ الخلائق من لا يملك النفع والضر، ويملك الدعاء إلى خير أو إلى نفع، فهَؤُلَاءِ دون الخلائق جميعًا؛ إذ لا يملكون الدعاء، فكيف يملكون الضر والنفع،؟! يبين عَزَّ وَجَلَّ سفههم بعبادتهم هَؤُلَاءِ الأصنام؛ لعلمهم أنهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًّا.

ويحتمل قوله: (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) أي: يبين ويقيم الدلائل والبراهين على عدم استحقاق العبادة لهم، فإذا لم يملكوا الدعاء إلى العبادة لهم، فكيف يملكون نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>