للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا)، فهذا العلم الذي قال: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)، وإلا في الظاهر ليس هذا صلة ما تقدم من قوله: (قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ)، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣) قَالَ بَعْضُهُمْ: صدها عبادتها الشمس والأصنام التي عبدوها دون اللَّه عن الإسلام وعبادة اللَّه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: وصدها سليمان عن عبادتها التي كانت تعبد من دون اللَّه؛ لأنه ذكر أنها أسلمت.

وقوله: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٤) قَالَ بَعْضُهُمْ: الصرح: صحن الدار؛ وهو قول الزجاج. وقَالَ الْقُتَبِيُّ وأَبُو عَوْسَجَةَ وأكثر أهل التأويل: الصرح: هو القصر.

ثم لا ندري ما سبب بناء ذلك الصرح؟ وما سبب أمره إياها بالدخول فيه وكشفها عن ساقيها؟

أما أهل التأويل فإنهم قد اختلفوا في ذلك:

قَالَ بَعْضُهُمْ: قالت الجن لما أقبلت بلقيس: لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب، فلو اجتمع سليمان وهذه المرأة وما عندها من العلم لهلكنا، وكانت أم هذه المرأة جنية، فقالوا: تعالوا نُنقصها ونكرهها إلى سليمان، فقيل لسليمان: إن رجلها مثل حافر الدواب؛ لأن أمها كانت جنية، فأمر سليمان عند ذلك فبني له بيت من قوارير فوق الماء، وأرسل فيه السمك لتحسب أنه ماء فتكشف عن رجليها، فينظر سليمان أصدقت الجن أم كذبت، فلما رأته حسبته الماء وكشفت عن ساقيها فنظر إليها سليمان فإذا هي أحسن الناس قدمين وساقين، فلما رأت الجن أن سليمان رأى ساقيها قالت الجن: لا تكشفي عن ساقيك (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا، ولكن ذكر لسليمان أن على ساقيها شعرا وأنهما شعراوان، فأمر بذلك ليعرف ذلك.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا، ولكن خافت الجن عند ذلك أن يتزوجها سليمان فتفشي إليه أشياء كانوا أطلعوها عليها وأفشوا إليها، فأرادوا أن يكرهوها إليه، فطعنوها بعيوب في عقلها ونفسها، فقالوا: يا نبي اللَّه، ألا نريك عقلها فإن في عقلها شيئًا؟ قال: بلى،

<<  <  ج: ص:  >  >>