قيل: رأيت نارًا، وقيل: علمت نارًا؛ (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ) ليس في هذه الآية بيان أن موسى في أي حال كان؟ وفي أيّ وقت؟ لكن في موضع آخر بيان ذلك، وهو ما قال:(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا)، هذا يدل أنه كان في حال السير والسفر رأى ذلك، وقال في آية أخرى:(لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)، فهذا يدل أنه كان في أيام الشتاء والبرد، حيث قال:(لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ).
قال أَبُو عَوْسَجَةَ:(لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ) القبس: النار، والأقباس: النيران، ويقال: قبس يقبس قبسًا، أي: جاء بالنار، ويقال: اقتبست نارًا، واقتبست -أيضًا-: تعلمت، وهذا من ذاك؛ لأن العلم ضوء، ويقال: اقتبستك، أي: علمتك، واقتبستك أي النار والعلم.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ:(آنَسْتُ نَارًا): أبصرت، ويكون في موضع آخر: علمت، كقوله:(فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا)، أي: علمتم منهم رشدًا.