للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يحتمل لا تعبد من دون اللَّه ما لا يملك جر المنفعة.

ويحتمل الدعاء نفسه، أي: لا تدعوا من دون اللَّه إلهًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ): ذكر هاهنا الظلم إن فعل ما ذكر والمراد منه الشرك، وذكر في قصة آدم وحواء: (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)، وقد قرباها ولم يكونا مشركين إنما كانا عصاة؛ ليعلم أن ليس في الموافقة في الأسماء موافقة في الحقائق والمعاني إنما يكون الموافقة في الحقائق في موافقة الأسباب؛ لذلك كان ما ذكروا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧): فيه الرجاء والطمع إلى من دونه؛ إذ أخبر أنه لا يوجد ذلك من عند غيره.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ): أخبر أنه إن أراد خيرًا وفضلا فلا راد لذلك الفضل، والخير، والإيمان من أعظم الخيرات وأفضلها، فإذا أراده لإنسان، كان لا يملك أحد دفع ما أراد ولا رده؛ دل أنه إذا أراد الإيمان لأحد كان مؤمنا، فهو ينقض على المعتزلة حيث قالوا: إنه أراد الإيمان للخلق كلهم. لكنهم لم يؤمنوا؛ إذ أخبر أنه إذا اراد به خيرًا فلا راد لذلك الفضل، وهم يقولون: بل يملك العبد رد ما أراد له ودفعه، وباللَّه العصمة.

وفيه أن ليس على اللَّه فعل لهم - أعني فعل الخير - لأنه سماه فضلا، والفضل هو فعل ما ليسر عليه، وهو المفهوم في الناس أن ما عليهم من الفعل لا يسمونه فضلا إنما يسمون الفضل ما ليس عليه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ): يصيب به من يشاء من الفضل والخير أو من الشر، وفيه دلالة تخصيص بعض على بعض حيث قال: (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ).

(وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ): لا يعجل بالعفوبة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (١٠٨) قيل: الحق مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وقيل: الحق: القرآن الذي أنزل عليه، وأمكن أن يكون الحق هو الدِّين الذي كان

<<  <  ج: ص:  >  >>