وما يعلنون، وأصله أنهم يعلمون أن اللَّه هو الذي أنشأ هذه الصدور والقلوب، والثياب هم الذين نسجوها واكتسبوها، ثم لا يملكون الاستتار بما كسبوا هم [فلئلا] يملكوا الاستتار، بما تولى هو إنشاءه أحق.
وقوله:(أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ) ألا إنما هو تأكيد الكلام، وهو قول أبي عبيدة وغيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ): قال أهل التأويل عليم بما في الصدور ولكن يشبه أن قوله: (عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) عبارة عن صدور لها تدبير وتمييز وهو البشر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا): قَالَ بَعْضُهُمْ: عنى بالدابة الممتحن به وهو البشر، وأما غيره من الدواب فقد سخرها للمتحن به.
وقال قائلون: أراد كل دابة تدب على وجه الأرض من الممتحن به وغيره وتمامه: ما من دابة في الأرض، جعل قوامها وحياتها بالرزق إلا على اللَّه إنشاء ذلك الرزق لها، ثم من الرزق ما جعله بسبب، ومنه ما جعله بغير سبب.
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (عَلَى اللَّهِ رِزقُهَا)، أي: على اللَّه إنشاء رزقها وخلقه لها الذي به قوامها وحياتها؛ وهو كقوله:(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ) أي: ينشئ ويخلق رزقنا بسبب من السماء من المطر وغيره؛ فعلى ذلك قوله:(عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) أي: على الله إنشاء رزقها وخلقه لها.
وقيل:(عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) أي: على اللَّه أن يبلغ إليها رزقها وما قدر لها وما به معاشها كقوله: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا. . .) الآية. عليه تبليغ رزقها وما به معاشها.