ثم قوله:(عَلَى اللَّهِ رِزقُهَا): قَالَ بَعْضُهُمْ: ما جاءها من الرزق إنما جاءها من اللَّه لم يأتها من غيره وعلى اللَّه بمعنى من اللَّه وذلك جائز في اللغة؛ كقوله:(إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ) أي: من الناس؛ وهو قول مجاهد. ويحتمل قوله:(عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) أي: على اللَّه وفاء ما وعد، وقد كان وعد أن يرزقها، فعليه وفاء وعده وإنجازه.
ويحتمل وجهًا آخر: وهو أنه علم لما خلقها علم أنه يبقيها إلى وقت عليه تبليغ ما به تعيش إلى ذلك الوقت والأجل الذي خلقها ليبقيها إلى ذلك؛ وبعضه قريب من بعض.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المستقر: المتقلب في الدنيا، والمستودع: مثواها في الآخرة؛ كقوله:(وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) في الدنيا وتحرككم في معاشكم (وَمَثْوَاكُمْ) أي: قراركم ومقامكم في الآخرة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: مستقرها في الدنيا، ومستودعها في القبر.
ويشبه أن يكون هذا إخبارًا عن العلم بها في كل حال في حال سكونها وفي حال حركتها؛ لأنها لا تخلو إما أن تكون ساكنة أو متحركة، أي: يعلم عنها كل حالها ويشبه أن يكون صلة ما تقدم وهو قوله: (أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ. . .) الآية. يخبر أنه إذا لم يخف عليه كون كل دابة في بطن الأرض، وما تغيض به الأرحام وما استودع في الأصلاب، كيف يخفى عليه أعمالهم التي عليها العقاب ولكم بها الثواب وفيها الأمر والنهي؟! واللَّه أعلم.