ومن المعلوم أن الشخص الذي يفسر نصًّا من النصوص، يتلون هذا النص بتفسيره إياه، وينطبع بطابعه الخاص، وفق قدرته الفكرية، وسعة اطلاعه وأفقه العقلي غير أن هذا الطابع الشخصي الذي يطبع به التفسير، إن ظهر جليًّا واضحًا في كتب التفسير بالرأي، فإنا لا نكاد نجده لأول وهلة على هذا النحو من الوضوح والجلاء بالنسبة لكتب التفسير بالمأثور.
[أسباب ضعف الرواية بالمأثور:]
ذكرنا فيما تقدم أن تفسير بعض القرآن ببعض، وتفسير القرآن بالسنة الصحيحة المرفوعة إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لاشك في قبوله، ولا خلاف في أنه من أعلى مراتب التفسير.
وأما تفسير القرآن بالمأثور عن الصحابة والتابعين فإنه يتطرق إليه الضعف من وجوه: أولها: ما دسَّه أعداء الإسلام مثل زنادقة اليهود والفرس، فقد أرادوا هدم هذا الدِّين المتين عن طريق الدس والوضع، حينما أعيتهم الحيل في النيل منه عن طريق الحرب والقوة، وعن طريق الدليل والحجة.
ثانيها: ما لفقه أصحاب المذاهب المتطرفة ترويجًا لتطرفهم: كشيعة علي المتطرفين الذين نسبوا إليه ما هو منه بريء، ومثل أُولَئِكَ المتزلفين للعباسيين فنسبوا إلى ابن عَبَّاسٍ ما لم تصح نسبته إليه، تملقا واستدرارا لدنياهم.
ثالثها: اختلاط الصحيح بغير الصحيح، ونقل كثير من الأقوال المعزوة إلى الصحابة أو التابعين من غير إسناد ولا تحر؛ مما أدى إلى التباس الحق بالباطل.
زد على ذلك أن هناك من يرى رأيًا يعتمده دون أن يذكر له سندًا، ثم يجيء من بعده فينقله على اعتبار أن له أصلاً، ولا يكلف نفسه البحث عن أصل الرواية، ولا من يرجع إليه القول.
رابعها: أن تلك الروايات مليئة بالإسرائيليات، ومنها كثير من الخرافات التي تصادم العقيدة الإسلامية، والتي قام الدليل على بطلانها، وهي مما دخل على المسلمين من أهل الكتاب.