أفلا ترى أنه لما كان كافرًا، فقتل مائة نفس، فقبلت توبته، ولو كان مسلمًا كانت مظالم المقتولين في عنقه باقية؛ فهذا الحديث يدل - واللَّه أعلم - على أن التأويل ما ذكرنا، وباللَّه التوفيق.
قيل: إن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بعث سرية إلى دار الحرب، فسمعوا سرية لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - تريدهم؛ فهربوا، وأقام رجل؛ لإسلامه؛ فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من العدو من حرب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فألجأ غنمه إلى كهف، ثم قام دونها، فسمع التكبير؛ فهبط إليهم وهو يقول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فأتاه رجل من هَؤُلَاءِ، فقتله واستاق غنمه وما معه، ثم رجعوا إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فأخبروه الخبر؛ فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَقتَلْتُمُوهُ؛ إِرَادَةَ مَا مَعَهُ، وهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ؟! " فقالوا: إنه قال ذلك، متعوذا؛ فقال:" هَلَّا شَقَقْتُم عَنْ قَلْبِهِ؟! ".
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بعث سرية، فلقيهم رجل، فسلم عليهم وحياهم بتحية الإسلام، فحمل عليه رجل من السرية فقتله؛ فلامه أصحابه وقالوا: أقتلت رجلا حيانا بتحية الإسلام؟! فلما قدموا على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أخبره بالذي صنع؛ فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: إِني مُسلِم؟! " فقال: يا رسول اللَّه، إنما قالها متعوذًا؛ قال:" فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِه فَتَعْلَمَ ذلك؟! "؛ فنزل قوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا).