نزلت في أهل التوحيد يقول:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، ثم تخرج على الاستغفار مرة؛ لما كان منهم من التضييع في حقوق اللَّه تعالى وما أمرهم به ونهاهم عنه والتفريط في ذلك، استغفروا أغفر لكم.
ويحتمل (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ): اطلبوا مني التوبة عن ذلك أتوب عليكم، واللَّه أعلم.
وإن كانت الآية في أهل الكفر فيكون قوله:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، أي: وحدوني أغفر لكم.
ويحتمل اعبدوني أغفر لكم؛ وهو كقوله:(إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، وقد جاء في بعض الأخبار عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" الدعاء هو العبادة، ثم قرأ:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ. . .) "، وفي بعض الأخبار:" الدعاء مخ العبادة "، وأصل هذا: أنه ينظر كل أحد إلى ما ارتكبه، فإن كان سببا يستوجب به العقوبة كان استغفاره القيام بقضاء ما تركه وضيعه، والعزم على ألا يعود إلى ذلك أبدًا، وإن كان سببًا غير معروف، تركه ويستغفر اللَّه تعالى في ذلك، ويطلب منه التجاوز والمغفرة، وأصل ذلك ما قال اللَّه تعالى:(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ).
استدل بعض الناس بهذه الآية على أن قوله:(ادْعُونِي) إنما أراد به العبادة على ما ذكرنا.
فَإِنْ قِيلَ: إن هذه السورة نزلت بمكة، وأهل مكة كانوا يقولون:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وفي ظاهر ذلك أنهم لا يستكبرون عن عبادته، لكنهم لم يروا