لأنهم صاروا حربًا لنا؛ حيث تركوا الهجرة وأبطلوا إيمانهم الذي تكلموا به (وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)
لما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) يخرج على وجهين:
أحدهما: في لحوق قوم من مظهري الإيمان أنهم لو لحقوا بمن لا ميثاق بينكم وبينهم ولا عهد؛ فاقتلوهم حتى يتوبوا ويهاجروا، ولو لحقوا بأهل الميثاق - لا تدعوا الولاية التي كانت بينكم وبينهم.
والثاني: أن تكون الآية في قوم من الأعداء وأهل الحرب: لو انضموا إلى أهل الميثاق وأهل العهد فلا تقاتلوهم؛ فيكون الأمر عقيب موادعة تجري بين رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وبين قوم في دورهم، على أن لا تمانع بينهم لأهل الاتصال في الزيادة والاجتماع إلى المدة المجعولة للعهد، ممن إذا خيف منهم: ينبذ إليهم العهد، ويوفي إليهم المدة إذا وفوا - والله أعلم - كقوله:(إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ. . .)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: استثنى الذين خرجوا من دار الهجرة مرتدين إلى قومهم، وكان بينهم وبين المؤمنين عهد وميثاق، وقال: وفيهم نزل قوله - تعالى -: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، كأنه قال - واللَّه أعلم -: إن وصل هَؤُلَاءِ إلى أُولَئِكَ الذين بينكم وبينهم عهد وميثاق - فلا تقاتلوهم.