أما أهل التأويل فإنهم قالوا: قال لهم ائتوني بأخ لكم من أبيكم إلى آخر ما ذكر؛ لأنه لما قال لهم: إنكم جئتم عيونًا لملككم؛ فأمر بحبسهم، فقالوا: نحن بنو يعقوب النبي، وكنا اثني عشر رجلا؛ فهلك منا رجل في الغنم، ووجدنا على قميصه دمًا؛ فأتينا أبانا فقلنا: كذا، وقد خلفنا عند أبينا أخًا له؛ من أم الذي هلك؛ فعند ذلك قال لهم:(ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِ) لكن هذا الذي ذكروا لا يكون سببًا ولا جوابًا له، وقد ذكرنا أنه لا يصح هذا الكلام مبتدأ، لكنا نعلم بالعقل أنه كان هنالك سبب، ومعنى أمر يوسف أن يقول لهم ذلك، وإلا لا يحتمل أن يقول لهم يوسف:(فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ) وهو كان يعلم أن أباه يعقوب يحتاج إلى طعام، ويعرف حاجتهم في ذلك - هذا لا يسع إلا بسبب كان؛ فأمر يوسف بذلك.
وقوله:(فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ) فيما يستقبل؛ أي: لا تأتوني. واللَّه أعلم.