وقوله:(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ. . .) الآية، ونحو ذلك مما أثنى اللَّه على من آمن منهم؛ فهم لو آمنوا استوجبوا بذلك الثناء.
وجائز أن يكون قوله:(بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ)، أي: يُدعى لهم، وهو ما دعا الملائكة والرسل للمؤمنين، كقوله:(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا. . .) الآية، وقوله:(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)، وقول نوح:(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ. . .) الآية، وقول إبراهيم ودعائه لهم: لو آمنوا استوجبوا دعاء هَؤُلَاءِ الملائكة والرسل جميعًا، أو أن يكون ما ذكرنا من إبقاء ذكرهم إلى يوم القيامة؛ كما بقي ذكر أُولَئِكَ الذين آمنوا به وصدقوه؛ فيكون في ذلك كله شرفهم وقدرهم؛ على ما قاله أهل التأويل، واللَّه أعلم.
جائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله:(أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ)، اي: قد عرفوا رسولهم، (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ)، أي: ليس به جنة، أي: ليس به شيء يمنعهم عن الإجابة والإيمان به بما يعذرونهم في ترك الإيمان به؛ فعلى ذلك قوله:(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا)، أي: لم تسألهم أجرًا على ما تدعوهم إليه حتى يمنعهم ثقل ذلك الأجر عن إجابته وتصديقه؛ كقوله -أيضًا-: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)، يقطع ما ذكر جميع أعذارهم وحجاجهم، وإن لم يكن عذر ولا حجة في ترك الإجابة له.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الخراج: الرزق، أي: لا تسألهم رزقًا، ثم أخبر:(فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).