للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منقطعة، ولا مضرة فيها؛ ليس كنعيم الدنيا وظلها. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ).

أي: جزاء الكافرين النار، ظاهر هذا أن يكون: الذين اتقوا تقى الشرك؛ لأنه ذكر عقبى الكافرين النار؛ أي: جزاء وعقبى ما ذكرنا؛ أي: تلك الجنة جزاء الذين اتقوا الشرك، وعقبى الكافرين النار؛ أي: جزاء الكافرين النار. أو عقبى هذه للذين اتقوا الجنة، وعقبى أُولَئِكَ النار.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي: عاقبة أعمالهم وحسناتهم الجنة؛ وعاقبة أعمال الذين كفروا بتوحيد اللَّه النار.

* * *

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (٣٧)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ).

يشبه أن تكون الآية صلة قوله: (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ)؛ فأخبر - عز وجل -: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ)؛ بذكر الرحمن.

ثم اختلف في قوله: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ): قَالَ بَعْضُهُمْ: أصحاب مُحَمَّد؛ فرحوا بما أنزل إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ): أهل التوراة يفرحون بما أنزل إليك يذكر هاهنا أنهم يفرحون بما أنزل إليك، ويذكر في موضيع: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ).

وقال في موضع آخر: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) فمن تلا منهم الكتاب حق تلاوته ولم يبدله ولم يغيره - فهو يؤمن به؛ ويفرح بما أنزل على مُحَمَّد، ومن غيَّره وبدَّله - فهو لم يفرح بما أنزل عليه.

وقوله: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) تأويله - واللَّه أعلم - كأنه قال: والذين آتيناهم منافع الكتاب أُولَئِكَ يفرحون بما أنزل إليك، وهو ما قال في آية

<<  <  ج: ص:  >  >>