للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم قوم قد عرفوا ذلك، حيث رضوا بذلك ولم يتنازعوا فيه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) بينوا اليوم، وبينوا الوقت، وهو وقت الضحى.

(وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: نهارًا جهارًا، كقوله: (أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى)، نهارًا، يعني: جهارًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ ... (٦٠) أي: أقبل على أمره، وجمع كيده، ليس على الإعراض عما دعوا إليه، ثم أتى بهم، وهو كقوله: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ) أي: أقبل على السعي في الأرض بالفساد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (٦١)

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: لا تفتروا على اللَّه كذبًا فيما بأن لكم الحق، وظهر لكم الحجة باتخاذكم فرعون إلهًا؛ لأنكم إذا اتخذتم دونه سواه إلهًا - ولا إله غيره - فقد افتريتم عليه.

والثاني: لا تفتروا على اللَّه كذبًا فيما بأن لكم الحق وظهر لكم الحجة، فلا تفتروا على اللَّه كذبًا بقوله: إنه سحر، وإنه كذاب.

وقوله - عَزَّ وَجَلََّّ -: (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ) برفع الياء ونصبها جميعًا.

(فَيُسْحِتَكُمْ): قال أبو معاذ: يقال: أسحته وسحته، قهره وأقهره.

وقال أهل التأويل: أي: يهلككم ويستأصلكم بعذاب.

ثم يحتمل ذلك العذاب في الدُّنيَا، أوعدهم بعذاب يأتيهم إذا افتروا على اللَّه كذبًا بعدما بأن الحق، وظهر لهيم البرهان والحجة.

وقوله: (وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) في الدنيا والآخرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (٦٢) قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) أي: تناجى السحرة فيما بينهم سرا من فرعون، فذلك قوله: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) من فرعون، فقال لهم: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) يعنون: موسى وهارون.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) من موسى وهارون، فنجواهم أن قالوا: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (٦٣) والأشبه هنا أنهم اعتزلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>