وإن تدعو أهل مكة إلى الهدى، (لَا يَسْمَعُوا) أي: لا يجيبوا (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) أي: لا ينتفعون به، أو لشدة تعنتهم لا يبصرون.
وجائز أن يكون يقول: وإن تدعوا الأصنام التي تعبدون إلى الهدى (لَا يَسْمَعُوا) أي: لا يجيبوا، ولا يملكون الإجابة.
ويحتمل (لَا يَسْمَعُوا) حقيقة السمع، (وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) على التمثيل، أي: كأنهم ينظرون إليك، وهم لا يبصرون حقيقة.
الأول:، يحتمل أن خذ الفضل الذي لا حق فيه، وهو القليل من ذلك واليسير.
والثاني: أن خذ ما يفضل من أنفسهم وحوائجهم من غير مسألة، أي: اقبل منهم ما أعطوك، ولا تلح في المسألة؛ كقوله:(وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا). أخبر أنه إن يسألهم أموالهم حملهم ذلك على البخل.
وإن كان على العمل فهو على وجوه:
أي: اعف عن الظلمة، عن ظلمهم، وأعرض عن السفهاء واحلم معهم؛ أمر رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أن يعامل الخلق بأشياء ثلاثة: أمر أن يعفو عن الظلمة عن ظلمهم، لا يكافئهم بظلمهم، وأمر أن يعرض عن السفهاء والجهال ويحلم معهم، وأمر أن يعامل المؤمنين باللين والرفق؛ ولذلك وصفه بالرحمة والرأفة بقوله:(بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).