قال بعض أهل التأويل: إنهن جلسن، فجعلن يخترن الأزواج في حياة رسول اللَّه، فنزلت الآية توبيخًا لهن وتعييرًا على ذلك.
لكن هذا بعيد محال: لا يحتمل أن يكون أزواجه يخترن الأزواج، وهن تحته في حياته؛ فذلك سوء الظن بهن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنهن طلبن النفقة منه؛ فنزل ما ذكر.
وقيل: إنهن تحدثن بشيء من الدنيا وركنَّ إليها؛ فنزل ما ذكر عتابًا لهن وتعييرًا، ونحو ذلك قد قالوا.
وجائز أن يكون اللَّه يمتحن رسوله وأزواجه بالتخيير واختيار الفراق منه - ابتداء امتحان من غير أن يكون منهن شيء مما ذكروا ولا سبب؛ وعلى ذلك روي في الخبر عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت:" لما أمر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بتخيير أزواجه؛ بدأ بي فقال: " يا عائشة، إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك ألا تستعجلي حتى تستأمري أبويك "، قالت: وقد علم اللَّه أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: " إن اللَّه يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا. . .) إلى قوله: (أَجْرًا عَظِيمًا)؛ فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي؟! فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وفعل سائر أزواجه مثل ما فعلت ".
وفي بعض الأخبار أنها قالت: بل أختار اللَّه ورسوله والدار الآخرة؛ فدل قولها: " لما أمر رسول اللَّه بتخيير أزواجه ": أن ذلك من اللَّه ابتداء امتحان، من غير أن كان منهن ما ذكروا من الركون إلى الدنيا والتحدث بما ذكر.