والظفر من ذلك الوجه، وذلك بفضل اللَّه ونصره، على ما أخبر عنهم:(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا. . .) الآية.
والثالث: ألا يؤيسهم خروج أنفسهم من أيديهم، وإحاطة العدو بهم، وكونهم في أيديهم من روح اللَّه ورحمته وغوثه إياهم؛ لأن الخوف قد بلغ بهم المبلغ الذي ذكر؛ حيث قال:(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ. . .) إلى قوله: (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا).
وفيه دلالة إثبات الرسالة لرسول اللَّه؛ لأنه وعد لهم النصر، فكان على ما وعد؛ ليعرفوا أصدقه، في كل ما يخبر ويعد.
(وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا)، أراد: من فتح، أو نصر، أو غيره، (قَدِيرًا).
وقَالَ الْقُتَبِيُّ وأَبُو عَوْسَجَةَ:(قَضَى نَحْبَهُ)، أي: قتل، وقضى أجله، وأصل النحب: النذر؛ كأن قومًا نذروا: إن لقوا العدو أن يقاتلوا حتى يقتلوا أو يفتح اللَّه، فقتلوا.
وقوله:(مِن صَيَاصِيهِمْ): حصونهم، وأصل الصياصي: قرون البقر؛ لأنها تمتنع بها، وتدفع عن أنفسها، فقيل للحصون: صياصي؛ لأنها تمنع، والواحدة: صِيصِيَة، وصيصية الديك: عرفه، والصيصية: خف صغير يحوك به الحائك، ويجمع هذا كله: صياصي.