على أي حال استقبلتموني، أو يقول:(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي) رسالته التي أرسلها إليَّ.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْصَحُ لَكُمْ) يحتمل قوله: (وَأَنْصَحُ لَكُمْ): أي: أدعوكم وآمركم إلى ما فيه صلاحكم، وأنهاكم عما فيه فسادكم، والنصيحة هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد، وتكون النصيحة لهم، ولجميع المؤمنين.
روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، قال:" ألا إن الدِّين النصيحة قيل: لمن يا رسول اللَّه؟ قال: لله ولرسوله ولجميع المؤمنين ".
قال الشيخ أبو الفدا الحكيم - رحمة اللَّه عليه -: النصيحة: هي النهاية من صدق العناية، ثم أخبر أنه يبلغهم رسالات به، ولم يبين فيم ذا؟! في كتاب أنزله عليه، أو بوحي في غير كتاب يوحى إليه، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة سوى التصديق له فيما يبلغ إليهم.
قد أتاه من اللَّه العلم بأشياء ما لم يأت أُولَئِكَ مثله، وهو كقول إبراهيم - عليه السلام - لأبيه:(يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي) ويحتمل قوله: (وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ) من العذاب أنه ينزل بكم (مَا لَا تَعْلَمُونَ) أنتم إذا دمتم على ما أنتم عليه.
أي: تعجبون بما جاءكم ذكر من اللَّه على يدي رجل منكم ما لا أقدر أنا ولا تقدرون أنتم على مثله، كانوا يعجبون وينكرون أن يكون رسل اللَّه من البشر بقولهم:(مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)(يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً)، ونحو ذلك كانوا ينكرون رسالة البشر وما ينبغي لهم أن ينكروا ذلك؛ لأنهم قد كانوا رأوا