للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (سِحْرَانِ) بغير ألف: كتابان، لكنهم اختلفوا:

قَالَ بَعْضُهُمْ: التوراة والإنجيل.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الفرقان والتوراة ونحوه.

وقال بعض أهل الأدب: ساحران: أولى وأقرب؛ لأن ذكر التظاهر إنما يكون بين الأنفس لا يكون بين الكتب.

(تَظَاهَرَا) أي: تعاونا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ من أهل الأدب -أيضًا- (سِحْرَانِ) بغير ألف أولى؛ لأنه أراد به الكتابين. ألا ترى أنه طلب منهم بما قالوا إتيان الكتاب حيث قالوا: (فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا) ردًّا على ما قالوا وطلبوا منه.

لكن نقول نحن: لا نحب أن نختار إحدى القراءتين على الأخرى؛ لأنه إنما هو خبر أخبر عنهم أنهم قالوا ذلك: فمرة قالوا: (ساحران)، ومرة قالوا: (سِحْرَانِ)، فأخبر على ما قالوا؛ وكذلك قوله: (سيقولون الله) بالألف وبغير الألف، لا يختار أحدهما على الآخر؛ لأنه خبر أخبر عنهم على ما كان منهم فهو على ما أخبر، واللَّه أعلم.

وقال بعض أهل التأويل في قوله: (لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى): قالت اليهود: نأمر قريشًا أن تسال أن يؤتى مُحَمَّد مثل ما أوتي موسى يقول اللَّه لرسوله: قل لقريش يقولوا لهم: (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى) يعني: اليهود، وقالوا: (ساحران تظاهرا) قاك قول اليهود لموسى وهارون وهو مما ذكرنا قريب، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ) ما أوتي موسى على اختلاف ما ذكرنا.

ثم قال: قل يا مُحَمَّد لقريش أهل مكة: (فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ... (٤٩) من التوراة والفرقان أو التوراة والإنجيل على اختلاف ما قالوا، (أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) في زعمكم أنهما سحران تظاهرا، وأنه مفترى، ائتوا أنتم من عند اللَّه بكتاب أتبعه؛ إلى هذا ذهب أهل التأويل.

ووجه آخر يشبه أن يكون أقرب منه: وهو أن قوله: (فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>