للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: تشهد على نعم اللَّه إليه فيدعوه إلى الشكر له فيما أنعم اللَّه عليه.

وأما الوجه الذي تدعو خلقته فيما بينه وبين الناس: فهو ما ترغب نفسه في كل محاسن ومرغوب فيه، وتنفر نفسه عن كل أذى وسوء، فأمر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يعامل الخلق بما ترغب نفسه وتطمع في المحاسن، وتنفر عنه وتكره، يفعل إليهم في كل ما ترغب نفسه فيه وتطمع، ويمتنع عن كل أذى وسوء، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)

قَالَ بَعْضُهُمْ: النزغة هي أدنى أفعال المعصية؛ وكذلك فسره ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - يقول: إذا أذنبت ذنبا فاستعذ باللَّه.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ) أي: يستخفنك، ويقال: نزغ شيئًا: إذا أفسده.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: النزغ: التحريك للفساد.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) أي: يوسوسك الشيطان وسوسة فاستعذ باللَّه.

ثم في الاستعاذة وجهان:

أحدهما: أمره بالفزع إلى اللَّه عند ما يوسوسه الشيطان والالتجاء إليه؛ لما رأى نفسه عاجزة عن دفع ما يوسوس إليه، ورد ما يكون؛ فهو الدافع عنه ذلك وهو الراد.

وقال الخليل: أعوذ باللَّه، أي: ألجأ إلى اللَّه - تعالى - وكذلك قوله: أستعيذ باللَّه، ومعاذ اللَّه معناه: أعوذ باللَّه، ومنه الإعاذة والتعوذ والتعويذ.

وقال غيره: أعوذ باللَّه، أي: أمتنع باللَّه.

وقيل: أعوذ باللَّه، أي: أتحصن باللَّه.

وقيل: الاستعاذة: هي الاستغاثة باللَّه؛ لدفع ما اعترض له من الشيطان.

وكله قريب بعضه من بعض.

ثم الحكمة فيما جعل عدوهم من غير جنسهم من حيث لا يرونه ويراهم وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>