وقيل: على التقديم والتأخير، اقتربت الساعة، وإن يروا آية يعرضوا وإن كان انشقاق القمر.
فعلى هذين التأويلين، لم يكن انشقاق القمر بعد، ولكن يكون في المستقبل، وعند قيام الساعة؛ وهو قول أبي بكر الأصم، ويقول: معنى قوله: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أي: سينشق القمر عند الساعة؛ إذ لو كان قد انشق في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، لَمَا خفي على أهل الآفاق، ولو كان ظاهرا عندهم، لتواتر النقل به؛ إذ هو أمر عجيب، والطباع جبلت على نشر العجائب.
وعامة أهل التأويل على أن القمر قد انشق؛ فكان من معجزاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
وروي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بمنى، فانشق القمر، فذهبت فرقة منه وراء الجبل، فقال - عليه السلام -: " اشهدوا، اشهدوا "، وروي عن غيره أيضًا: عن عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهم - وأنس بن مالك، وحذيفة، وجبير بن مطعم، في جماعة من الصحابة - رضوان اللَّه عليهم أجمعين -: أنهم رأوا انشقاق القمر.
وقول أبي بكر: لو كان، لم يخْفَ وظهر؛ فيقال له: قد ظهر؛ فإنه روي عن غير واحد من الصحابة - رضي اللَّه عنهم - وتواتر الحديث عن الخاص والعام، وفشا الأمر بينهم، حتى قل من يخفى عليه سماع هذا الحديث.